أحبك و حسبروايات رومانسيه

رواية أحبك و حسب للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس

مشت على استحياء بعدما تركتها رحاب تذهب إليه بمفردها، فكان ينتظرها بشوق وهو يستند بمرفقه على حافة السور الحديدي ذاك الذي رآها عنده أول مرة، ابتسم وتمعن في هيئتها جيدًا من أسفلها لأعلاها..
وأول ما تمعن فيه فكانت عيناها..
الجميلتين السمراوتين، لم تكن فاتنة للجميع لكن له كانت أجمل الفتيات على الاطلاق، لم يعرف ما هذا الذي يحدث والذي يفعله هو؟
كيف جعلته يهواها هي فحسب ولم تغب عن خاطره قط…!

يسأل نفسه وهو يشرد في عينيها هكذا بلا وعي حتى حين وقفت أمامه في ارتباك لم ينتبه لها…
لحظات مرت وهو مغيب في عينيها الطيبتين..
زادها ارتباك فوق توترها البالغ فراحت تسعل قاصدة ذلك عسى أن ينتبه لها..
وقد كان وتنتحنح بحرج قائلا:
-أهلا يا آنسه، إزيك؟
فهزت رأسها ولم يخرج صوتها بعد، اكتفت فقط بتلك الايماءة التي أضحكته حقا..
فاقترب منها خطوة لتبتعد بدورها خطوة أيضا، فيضحك أكثر مع قوله:.

-ممكن متخافيش مني؟ أنا والله حابب جدا المقابلة دي ممكن تحبيها أنتِ كمان؟!
ابتلعت ريقها بصعوبة قبل أن ترفع رأسها إليه وتبتسم بخجل شديد ثم تنزل رأسها مرة أخرى وتعود لترفعها ثانية وتتمالك نفسها أخيرًا قائلة:
-حضرتك طلبت تقابلني، خير؟
ليتها ما تكلمت هذه السماء الصافية، السماء الجميلة ذات البشرة الناعمة والصوت الأكثر نعومة!

ما هذا بحق السماء، إنها بريئة كالطفلة، كل الملامح بريئة لكن يكسوها الحزن الشديد، كيف جعلوها شاحبة خائفة مكسورة لهذا الحد؟ألم يشفقوا عليها في أي مرة؟ يا لقسوة قلوبهم!
-متخافيش يا سماء ماحدش هيعرف من أهلك إن شاء الله و…
قاطعت سماء حديثه الآن قائلة بجدية رغم خوفها:
-أنا مش خايفة، ممكن حضرتك تقولي عاوز مني إيه؟
ابتسم باتزان وراح يضع يديه في جيب بنطاله قائلا بهدوء:
-بصراحة بصراحة؟

انتظر ردها الذي كان ايماءة فقط أيضا من رأسها، ليقول بتنهيدة عميقة وكأنه يلقي لها الجملة دفعة واحدة:
-عاوزك أنتِ عاوز أتجوزك وتكوني شريكة حياتي!
توردت وجنتيها وراحت تنظر إلى البحر بعمق تحاول ضبط تنفسها بصعوبة وهي تعدل وشاحها الشتوي الذي كاد يسقط من فوق كتفيها، أغمضت عيناها لفترة لم تكن قصيرة وحقا لم تعرف ماذا تقول؟

وهو لم يتوقف عن ضحكه الخافت على ردة فعلها التي راقت له، إنها تبدو كقطعة حلوى لذيذة للغاية الآن، جوهرة فريدة من نوعها صُنعت بعناية تامة، إنها جميلة روح جدا وشهية جدا، أيضاً!
-ممكن أسمع ردك مش عارف تقريبا أنا قلت حاجة غلط وأنا مش واخد بالي؟
أنسة سماء؟
أنتِ فين؟!
-أنا هنا!
وذاك كان ردها العفوي الذي جعله يقهقه ضاحكًا، ثم توقف فجأة ليقول بنبرة هادئة:
-يا ريت تكوني هنا دايما!

يبدو أنه مصمم على ارباكها بتلك الطريقة، كيف ستتكلم معه وماذا تقول؟
-السكوت علامة الرضا مش هضغط عليكِ أكتر من كدا..
ابتسمت سماء أخيرا يبدو أنه خفيف الظل ومرح، ليقول مازحا:
-ياه أخيرا بجد، الشمس نورت؟
ثم تنهد مقتربا منها قليلا:
-صدقيني لو حصلت إني أحارب عشانك هحارب ومش هسيبك، مش هسيبك وهتكوني من نصيبي بأمر الله..

كانت هذه آخر جملة قالها في مقابلتهما لتذهب مطمئنة مبتسمة وكأنها تملك هذا العالم، كيف دخل حياتها وكيف استحوذ على قلبها هذا الفارس الذي كما حلمت به يوما وكأنه جاء مُفصل تفصيلا كما طلبت..
هل تحلم؟
تتوهم؟..
تتساءل وتضحك بخفوت وهي تلتفت ورائها فتراه من بعيد يركب سيارته ويرحل لكنه وعدها بكل ثقة أنه سوف يعود، لها.
——————–.

بعد مرور يومان تلقت صفعة عنيفة من عمها وحيد الذي قال غاضبا:
-هتتجوزيه ورجلك فوق رقبتك.
-هموت نفسي لو عملت كدا.
ردت من بين بكاؤها الشديد ليصفعها مجددا ويجذبها من شعرها دافعا إياها داخل الغرفة قائلا:
-بتردي عليا؟ يا قليلة الأدب أنا هربيكي من أول وجديد!
يلقيها على فراشها ويخرج مغلقا الباب خلفه بالمفتاح قائلا بحدة عارمة:.

-البت دي تفضل محبوسة جوا وبكرة كتب كتابها على سيد الجزار ماحدش يفتحلها أبدا مفهوم؟ترمولها اللقمة وتخرجوا فورا سامعة يا رحاب؟!
لم تستطع رحاب السكوت كعادتها وقالت بضيق:
-مش من حقك تعمل فيها كدا يا بابا بجد ربنا هيحاسبك
-أخرسي يا بت انت كمان بدل ما اطلع روحك في أيدي أخرسي خالص..!

في المساء…

لم تعرف رحاب ماذا ستفعل في هذه الكارثة سوى أنها ستسغيث بالدكتور سالم حيث امتنعت سماء عن الطعام وباتت في حالة يرثى لها حزينة مكسورة كعهدها هنا معهم، لو حكم الأمر ستقتل نفسها وينتهي أمرها نهائيا هكذا كانت تحدث نفسها، قبل أن تركض إليها رحاب وهي تقول بتلهف:
-سماء سماء الدكتور سالم بيتصل بيا..
انتبهت سماء لها وقالت من بين دموعها:
-بيتصل ليه؟
-أصل أنا قولتله اللي حصل وهو تقريبا تحت البيت
-تحت البيت!

أومأت برأسها قبيل أن تجيب عليه بتوتر، فآتاها رده الصلب وهو يسألها:
-عندكم سبَت؟
رحاب ببلاهة:
-سبت؟
-أيوة مش وقت استغراب دلوقتي، نزّلي السبَت!
نظرت لها سماء باستفهام تود معرفة الحوار، لتغلق رحاب الخط معه وتقول بصدمة:
-الدكتور بيقولي نزلي السبت!
انصدمت سماء مثلها وقالت:
-ليه فيه ايه؟
-مش عارفة خلينا ننزله وربنا يستر…

ولجت رحاب إلى الشرفة وانصاعت لطلبه الغريب ذاك، جذبت السبت المُعلق في شرفتهم وأخذت تدلو به بواسطة الحبل من سور الشرفة، خرج سالم من سيارته ووضع فيه أكياس عديدة من الطعام والعصائر والحلوى..
ودفعه إلى الأعلى مجددا قائلا ببساطة: طلعي!
وراح يركب سيارته مرة أخرى بينما دخلت رحاب إلى الغرفة وهي تضحك لتقول سماء مذهولة:
-إيه دا؟!
-أكل يا ستي الدكتور جايبهم ليكي مخصوص!

نظرت سماء إلى الأشياء هذه فرأت ورقة مطوية بينهم أخذها الفضول فجذبتها وفتحتها فكان محتواها:.

بكرة في نفس المعاد اللي عمك حدده لكتب كتابك هنكتب كتابنا وهتكوني مراتي على سنة الله ورسوله، أيوة كدا اضحكي بقى وثقي فيا شوية، لأ كتيييير.

بالفعل كانت تبتسم بعفوية وهي تقرأ رسالته التي لا تعلم حقيقة أم مجرد مزاح؟!..
وفي حقيقة الأمر لم تكن الرسالة مزاح، بل كانت حقيقة وتحققت واقعيا في مساء اليوم الموالي..
عندما تجهزت بشيء من التوتر والقلق البالغ، وانتظرت مصيرها إما أن يُعقد قرانها على الجزار أو على الدكتور!
لم تصدق رسالته صراحةً، فكيف سيتزوجها كيف؟

انسابت دموعها قهرًا عندما ناداها عمها وإبنه نادر الذي كانت تلمع عيناه بشماتة واضحة، والذي قال بغضب:
-اتصل على العريس يا بابا شوفه أتأخر ليه؟
لم يجب وحيد وراح يمسح عرقه بتوتر، دقائق فحسب ويدخل سالم من باب البيت بصحبة رجالٍ شداد البنية، فقد كانوا الحراسة التي أرسلها معه والده بالأمر، ليشير لهم سالم كي ينتظروا في الخارج، لم يفهم نادر ماذا يدور لذا قال بحدة شديدة؛
-أنت بتعمل إيه هنا؟

نظر له سالم باحتقار ولم يجب عليه متعمداً، ليلتفت إلى وحيد قائلا بثقة:
-أنا جاهز والمأذون جاهز مش يلا؟
خفق قلب سماء ولم تعد تحملها ساقاها الضعيفتان، فجلست تحاول استيعاب ما يفعله سالم!
-أنا عاوز أعرف إيه اللي بيحصل يا بابا ما تقول حاجة؟ إيه اللي بيحصل؟
هكذا قال نادر باحتدام، ليرد عليه سالم هذه المرة بصلابة:.

-اهدى يا بطل بس، اللي بيحصل إن مافيش عريس إسمه سيد الجزار فيه عريس إسمه سالم عامر اللي هو أنا طبعا، اتفقت أنا والأستاذ وحيد والدك على كل حاجة، أنا معنديش مانع تكون شاهد على جواز بنت عمك وتفرحلها، مش عاوز يبقى تلتزم الصمت ودا أحسن لك وللكل هنا..
كاد نادر أن يتكلم، يثور، يحطم، لكنه لم يستطع ذلك، هذه المرة مختلفة، جاء من يوقفه ويمنعه عنوة عن ظلمه ذاك…
-اسكت يا نادر يا إما تمشي دلوقتي لحد ما نخلص!

كانت هذه العبارة لوالده، قطب نادر وهو يسأله:
-إزاي وافقت وليه؟
-أنا حر!
لم يتحمّل نادر حيث يشعر بالنيران تتأجج داخل صدره لذا انسحب بمنتهى العصبية تاركا كل شيء، وبدأ المأذون مراسم عقد القران، بالطبع كانت سماء في حالة ذهول تامة حتى مع نظرات سالم المطمئنة لها!.
يده في يد عمها والآن يعقد عليها؟!
مشاعر متضاربة ما بين المفاجأة والدهشة، والفرحة!

لا تنكر أنها كانت في أشد حالاتها السعيدة بشأن ما يحدث، ما يحدث كالحلم تماما، بل أجمل…
لم تفق من حلمها إلا على النداءات من حولها كي توقع على العقد، وقد وقعت بأنامل باردة مرتجفة قبيل أن تشعر بها بين يده الدافئة ويضغط عليها برفق أذابها، جذبها نحوه ونهض قائلا بابتسامة خلابة:
-يلا..
نظرت أولا إلى رحاب التي بكت تأثرا وعانقتا الفتاتان بعضهما في وداع مؤثر..
بعد ذلك سارت معه يدها في يده إلى سيارته…

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

رواية اين انا الفصل الثاني والعشروين 22 بقلم ضحي ربيع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى